حين تُذكَر أهم مهارات الحياة وأسرار التميز والازدهار، بالتأكيد سنجد مهارة الإبداع على رأس القائمة.
فبالإضافة إلى تميز الشخص المبدع عن غيره في الحياة المهنية، تختلف حياته الشخصية عن غيره كثيرًا، إذ أنه يستطيع دائمًا التفكير خارج الصندوق والتجديد، خلق المتعة والسعادة، وإيجاد الحلول السريعة لمشاكله اليومية.
فما هي مهارة الإبداع وكيف تؤثر على حياتنا الشخصية والمهنية؟ وما الذي يميز الشخص المبدع عن غيره؟ هذا ما سوف نتطرق إليه في هذا المقال مع ذكر ٧ طرق عملية لتعزيز تلك المهارة واكتسابها.
ما هي مهارة الإبداع؟
مهارة الإبداع هي القدرة على ملاحظة أدق التفاصيل ورؤية الأشياء بمنظور مختلف واستخدامها بطرق غير تقليدية متجاوزًا الحدود والعوائق المحتملة.
هي إنتاج أفكار وحلول جديدة ومبتكرة، وأحيانًا دمج وتوظيف عناصر أو أفكار موجودة بالفعل وربما تكن تقليدية والوصول بها لشيء جديد ومتميز في نهاية الأمر بأقل جهد ووقت وتكلفة.
قد يولد البعض بتلك المهارة، لكن سواءً كانت صفة شخصية متأصلة عند الفرد أو لا، فهي تُكتسَب وتتعزز بالممارسة والتدريب.
لا تؤثر مهارة الإبداع فقط على الحياة المهنية، فكما أشارت الدراسات إلى أن أكثر من 60% من أصحاب العمل يعتبرون مهارة الإبداع من أهم المهارات التي يبحثون عنها في المتقدمين، فلها كذلك أثر كبير على جميع جوانب الحياة، إذ تلعب دورًا فعالًا في حل المشكلات، وتعزيز العلاقات الاجتماعية، كما أنها تُكسب الشخص المرونة، والقدرة على التكيف في جميع الأحوال.
أنواع الإبداع
لا تقتصر مهارة الإبداع فقط على الفن، بل تنقسم إلى عدة أنواع ومنها:
1) الإبداع الفني
الإبداع الذي يتجلى في الفنون مثل الرسم، والموسيقى، والكتابة الأدبية.
2) الإبداع العلمي
مثل اكتشاف نظريات جديدة، واختراع الأجهزة، أو ابتكار طرق لحل مشكلات علمية.
3) الإبداع التقني
كابتكار أدوات، وبرامج، وتطبيقات جديدة لأغراض مختلفة كتنظيم الوقت أو تسهيل المهام على سبيل المثال.
4) الإبداع الاجتماعي
الذي يظهر في حل المشكلات الاجتماعية بمهارة وذكاء، أو ابتكار طرق مميزة وجديدة للتواصل.
5) الإبداع الإداري
ذلك النوع يتعلق بتوظيف الإمكانيات واستغلال قدرات الأفراد، وابتكار أساليب جديدة في الإدارة لتطوير بيئة عمل تعزز إنتاجية الفريق.
6) الإبداع الشخصي
وهو استخدام التفكير الإبداعي في الحياة اليومية مثل حل المشكلات الشخصية، أو اتخاذ القرارات، وتنظيم حياتك ووقتك بطريقة تناسب طبيعتك.

مهارات التفكير الإبداعي
1) التحليل
إن أولى خطوات الإبداع هي التحليل، فلا وجود لإبداع دون التعمق وتحليل المعطيات وتصنيفها واستيعابها بشكل جيد لاستخدامها وتوظيفها بطرق مبدعة ومميزة.
2) حل المشكلات
ليس من الضرورة أن تكون الحلول معقدة أو خارجة عن المألوف، بل أحيانًا استخدام ما هو داخل الصندوق برؤية مختلفة للوصول إلى حلول بسيطة وسريعة لكنها لم تخطر على بال الآخرين لمحدودية نظرتهم للأمور وربما لانغماسهم في المشكلة أو انشغالهم بالوصول لحلول بعيدة.
3) الابتكار
لابد أن يكون الشخص المبدع قادر على خلق ما هو جديد وغير مسبوق، بل وتنفيذ تلك الأفكار على أرض الواقع، وهذا ما يسمى بالابتكار.
4) التواصل الفعال
إلى جانب أن الشخص المبدع عليه إتقان مهارات التواصل للاستماع الجيد لآراء وأفكار الآخرين واستيعاب وجهات نظرهم المختلفة، فهو في حاجة لها كذلك لعرض أفكاره عليهم وإقناعهم بها.
5) الانفتاح
إن أردت أن تضع اسمك في قائمة المبدعين، فعليك التجرد من أي قيود وعوائق فكرية مثل المعتقدات والأحكام المسبقة والآراء الشخصية، والنظر للأمور بنظرة جديدة لاستقبال الافتراضات المختلفة.
6) التخطيط والتنظيم
على الرغم من ما يشتهر به الشخص المبدع من عشوائية، إلا أنه لابد من وجود رؤية وقدرة على التخطيط وتنظيم الأفكار للوصول للنتائج المرجوة، ولتقديم و إيصال أفكاره بسهولة للآخرين.
7) المرونة
المرونة جزء لا يتجزأ من الإبداع، وهي أن يكون الشخص منفتح للتغيير والتقلبات وسرعان ما يتكيف معها ليوصف بصفة الإبداع وتتأصل فيه.
8) الخيال
إن خيال الشخص المبدع بمثابة الأرض الخصبة لزراعة الزهور والأشجار وهي الافتراضات والتصورات، ثم جني ثمارها بالوصول للمنتج النهائي واكتمال الفكرة.

طريقك نحو الإبداع، ٧ طرق فعالة لتنمية مهارة الإبداع
1) التأمل
التأمل صفة أساسية عند كل مبدع، فهي بمثابة تغذية للعقل ووقود للإبداع وتوليد للأفكار، حيث أنه يوفر مخزونًا كبيرًا يتم استخدامه فيما بعد.
2) تعلُّم تقنيات التفكير الإبداعي وأبرزها
العصف الذهني
من أكثر التقنيات فاعلية في عملية الإبداع سواءًا كانت فردية أو جماعية.
يتم استخدامها في الحياة المهنية كثيرًا من قِبل المؤسسات وكذلك في الحياة الشخصية للاختيار بين البدائل واتخاذ القرارات.
وهي طرح جميع الأفكار والحلول الممكنة دون استبعاد أي فكرة ثم اختيار الأفضل.
رسم الخرائط الذهنية
دائمًا ما تجني هذه التقنية ثمارها وتأتي بنتائج مبهرة، فهي من أشهر و أفضل الطرق للتلخيص ورؤية الصورة كاملةً وربط جميع التفاصيل معًا.
طرح الأسئلة
من أشهر وأبسط طرق التفكير الإبداعي هي طرح سلسلة من الأسئلة والإجابة عليها، ليتسع إدراكك بالتدريج وتقترب خطوة فخطوة حتى تصل إلى النتيجة النهائية وتكتمل الفكرة.
التفكير الجانبي
تطبق تقنية التفكير الجانبي عن طريق رؤية جميع جوانب المشكلة والسعي للوصول للمعلومات الغير متاحة عنها متجاوزًا التفكير المنطقي.
التفكير التباعدي
توسيع الأفق من خلال طرح افتراضات وحلول عديدة وأفكار غير مترابطة لنفس المشكلة، ثم رؤية واستخدام المعطيات بشكل مختلف وغير متوقع للوصول لشيء جديد.
تساعد تقنية التفكير التباعدي في خلق حلول متنوعة لنفس المشكلة.
3) التطلع والقراءة
المبدع الحقيقي هو مُتطلع جامح وقارئ نهم، يقرأ ليتساءل وتتسع رؤيته للعالم ويكتسب أساليب تعبير متنوعة، ثم يفكك ويعيد البناء بأسلوبه الفريد ومنظوره المتميز.
مع كل صفحة يقرأها تُعاد تشكيل أفكاره وتولد بداخله مساحات جديدة للتخيل والابتكار.
4) توسيع شبكة المعارف
كما أن القراءة تُثقل عقلك وحصيلتك الثقافية، فالمعاملات الإنسانية تكسبك خبرات حياتية لن تتعلمها بأي وسيلة أخرى، لأنها تعرفك على أنماط تفكير وشخصيات مختلفة، تُخرجك من حدود ذاتك، وتمنحك قدرة على رؤية الأمور من زوايا متعددة.
5) التغيير وكسر الروتين
لن تتجدد أفكارك إن لم تتجدد حياتك وعاداتك وما تتلقاه يوميًا، فكل ما تراه وتسمعه وتمارسه ينعكس على جودة أفكارك ومستوى إبداعك.
6) الجرأة والمخاطرة
لا يولد الإبداع إلا من رحم المخاطرة، ولا تتحقق أعظم النجاحات والابتكارات إلا بعد عدة محاولات قد بائت بالفشل.
فالخروج عن المألوف والمجيء بكل جديد يتطلب دائمًا جرأة في الطرح والتنفيذ، لذلك لا تتردد في خوض التجارب وطرح أفكارك حتى وإن قوبلت بالرفض في البداية.
7) الروتين الإبداعي والممارسة الإبداعية
كأي مهارة تتطلب التطبيق لإتقانها، عليك التمرن باستمرار على الإبداع وممارسة الأنشطة الإبداعية مثل الرسم، والكتابة، وحل الألغاز، وكذلك الأنشطة الموسيقية والحركية تلعب دورًا كبيرًا في تحسين أساليب التفكير ومستوى الإبداع لدى الفرد.
وفي النهاية، إن الإبداع أكثر من مجرد موهبة أو ومضة عابرة، الإبداع أسلوب حياة، وطريقة تفكير، و المهارة التي تفتح الأبواب المغلقة.
فكلما منحنا أنفسنا مساحة للتأمل والتساؤل، وللمجازفة والتجريب، كلما سمحنا للإبداع أن يتنفس فينا ويقودنا نحو التميز.
كن أنت البداية وأطلق العنان لما في داخلك لتصنع بصمة وفارق في المجتمع.
الكاتبة: منار عمرو أبوالعلا
اترك رد