قال الإمام الشافعي رحمه الله: “من تعلم القرآن عظم قدره، ومن نظر في الفقه نبل مقامه، ومن كتب الحديث قويت حجته”.
لطالما كانت المعرفة الدينية ركناً أساسيًا في حياة المسلم، قال رسول الله ﷺ: “طلب العلم فريضة على كل مسلم”.
ومع انتشار القنوات الدينية أصبح طلب العلم الشرعي ميسرًا لجميع الناس دون الحاجة إلى حضور مجالس العلم.
فقد أشارت الاحصائيات إلى أن عدد القنوات الدينية الفضائية تجاوز المئة قناة.
إضافة إلى ذلك قنوات اليوتيوب والمنصات الرقمية، التي تخاطب الشباب بطريقة لينةٍ ومبسطة وتبث على نشر القيم الأخلاقية.
القنوات الدينية: تعريفها ونشأتها
القنوات الدينية هي منصات إعلامية تبث التعليم الديني، وتفسير القرآن، والسيرة النبوية، والبرامج الاجتماعية ذات الطابع الإسلامي.
بدأت نشأتها خلال تسعينيات القرن العشرين، لكنها شهدت ازدهاراً ملحوظاً في مطلع الألفية، بفضل تطوّر البث الفضائي وانتشار الأقمار الصناعية.
ومن أوائل هذه القنوات قناة “اقرأ” التي كانت تهدف إلى تقديم خطاب ديني وسطيٍّ معتدل يصل إلى فئات متنوعة من المجتمع.

سهولة الوصول إلى المعرفة الدينية: نعمة أم نقمة؟
من أبرز مزايا القنوات الدينية أنها جعلت المفاهيم الإسلامية أكثر قرباً وسهولة للجيل الجديد الذي لم ينشأ على ارتياد مجالس العلم وكتاتيب المساجد.
فأصبح المتلقي العادي يمتلك القدرة على فهم مسائل في الفقه والعقيدة، وسماع آراء العلماء مباشرة.
غير أن هذه السهولة قد تتحول إلى سلاحٍ ذو حدين، إذ افتقرت بعض هذه البرامج إلى الدقة العلمية، أو اعتمدت على دعاة غير مؤهلين، فصار المتلقي لا يستطيع التفرقة بين المصدر الصحيح والمصدر المغلوط.
بين الاعتدال والتشدد: تنوع الخطاب الديني في القنوات الدينية
لا تسير كل القنوات الإعلامية على نفس النهج، بل تختلف في خطابها بحسب التوجه الفكري للممول أو المشرفين عليها.
فهناك قنوات تتحرى منهج الاعتدال والوسطية، الذي هو منهج أهل السنة والجماعة، وفي المقابل ظهرت قنوات تحمل خطاباً متشدداً أو النقيض تماماً وهو التيسير المخل بأركان الإسلام.
هذا التنوع أدّى إلى الارتباك عند الجمهور في تحديد المرجعية الدينية الموثوقة.

ممن نتلقى العلم؟ المرجعية في زمن الإعلام المفتوح
مع اتساع وتنوع المصادر الدينية، لم تعد المعرفة الشرعية مقتصرة على المؤسسات الدينية أو العلماء المتخصصين، بل أصبح بإمكان أي فرد أن يعتلي الشاشة ويقدّم نفسه على أنه “داعية” أو “شيخ”، دون أن يكون مؤهلًا علمياً بالشكل الكافي.
وهنا تبرز أهمية التمييز بين العلماء الراسخين وأصحاب الخطاب العاطفي أو الدعائي.
في الإسلام، تلقي العلم له شروط واضحة؛ أبرزها أن يكون المصدر موثوقاً مثل مؤسسة الأزهر الشريف ،فكما قال الإمام مالك: “إن هذا العلم دين، فانظروا عمّن تأخذون دينكم.”
أنواع القنوات الدينية: بين البث التقليدي والمنصات الرقمية
لم يعد الخطاب الديني حبيس القنوات الفضائية فقط، بل تطور وانتقل إلى مساحات أوسع، ليشمل عدة أنواع من المنصات التي توصل الرسائل الدينية إلى فئات مختلفة من الجمهور، كلٌ حسب وسيلته المفضلة.
١. القنوات التلفزيونية الفضائية
أولها وأشهرها كانت قناة إقرأ التي أُطلقت عام 1998، ولكن مع هذا التطور هي أيضاً تحولت إلى منصة رقمية على الإنترنت.
ولدينا أيضاً قناة رسالة، وقناة الناس وقناة أزهري.
٢. قنوات يوتيوب
تتسم بسهولة توصيل المعلومة إلى فئة الشباب خاصةً وجمهور الناس عامة.
أهمها بودكاست وعي، قناة ايه المشكلة، بودكاست فاهم.
إلى أين يقودنا الإعلام الديني؟ لقد أحدثت القنوات الدينية تحولاً في طريقة تعلم الناس لدينهم، وزادت المساحة للتفاعل مع الخطاب الديني من خلال الإعلام.
وبينما سهّلت هذه القنوات وصول الناس إلى المعرفة الشرعية، إلا أنها في الوقت ذاته تطرح تحديات تتعلق بالمصداقية، وهنا تقع المسؤولية على المستقبل فيجب عليه أن يتحرى الدقة ومن أين يأخذ دينه، وفهم الفرق بين العلم الشرعي والدعوة الموجهة لخدمة مصالح معينة.
اترك رد