إن التقرب إلى الله في العشر من ذي الحجة يعد من أعظم فرص العام، حيث تهب علينا نفحات الرحمة، وتفتح لنا أبواب المغفرة، وتتضاعف فيها الأجور.
ولعلها حقًا أيام الصادقين الذين يثبتون على الطاعة رغم غفلة الناس من حولهم، بخلاف أيام رمضان التي يعينك فيها المجتمع والبيئة.
وهنا يكمن الاختبار الحقيقي والفرصة الذهبية للتقرب إلى الله في هذه الأيام المباركة، فما أحوجنا لأن نجعلها بدايةً جديدةً لقلوبنا!
التقرب إلى الله | فضل العشر من ذي الحجة

ولإدراك عظمة العشر من ذي الحجة، إليك جمال هذا الحديث:
قـال رسـول الله ﷺ: “ما من أيام العمل الصـالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر” (رواه البخـاري).
تأمل لفظ “أحب”
إنه باب عظيم يفتح أمامك لتحظى بحب الله وقربه.
كما أن من خصائصها العظيمة يوم عرفة الذي يكفر صيامه ذنوب سنتين، ويوم النحر الذي هو أعظم أيام السنة.
لذا فلنغتنمها بكل طاقتنا، ولنجعل هدفنا الأول فيها هو التقرب إلى الله عز وجل.
كيفية التقرب إلى الله في العشر من ذي الحجة

وفيما يلي، دعنا نستعرض خطوات عملية للتقرب إلى الله في هذه الأيام المباركة:
أولًا: ترك المعاصي والتوبة
بدايةً، علينا أن نجدد نيتنا ونترك كل معصية، فالقلب هو أساس العمل، والتوبة الصادقة باب القبول عند الله.
فهيا نعقد العزم على العودة الصادقة إلى الله عز وجل، لعلها تكون بداية جديدة تمحو ما مضى وتفتح لنا باب القرب والمغفرة.
ثانيًا: إصلاح العلاقات وصلة الأرحام
ثم من أعظم ما يقربنا إلى الله في هذه الأيام، إصـلاح ذات البين، فهي كما ذكر رسـول الله ﷺ أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقـة.
فهذه الأيام فرصة ذهبية لنبذ الخلافات وفتح صفحة جديدة مع الأهل والأصدقاء، لعل الله يكتب لنا البركة في أعمارنا وأرزاقنا.
ثالثًا: الإكثار من الذكر والتكبير
بالإضافة إلى ذلك، لا ننسى أن نكثر من الذكر، التكبيـر والتحميـد والتهليـل، ففيها حيـاة للقلوب وراحة للنفوس، خصوصًا ذكر:
“الله أكبـر، الله أكبـر، لا إلـه إلا الله، الله أكبـر، الله أكبـر، ولله الحمـد”، واجعل لسانك دائمًا رطبًا بذكـر الله.
رابعًا: النفقة والصدقة
كما أن الصدقة من أحب الأعمال إلى الله، فهي تطهر النفس وتزيد الرزق وتطفئ غضب الرب، فاجعل لنفسك نصيبًا من الصدقات في هذه الأيام، ولو بالقليل.
خامسًا: الصيام
ومما يقربنا إلى الله صيام هذه الأيام المباركة، وخاصةً يوم عرفة، الذي يُكفر ذنوب سنتين، فالصيام وقاية للعبد، وباب من أبواب الجنة.
فإن استطعت، فصم ما تيسر من هذه الأيام، ولا تدع فضلها يفوتك.
سادسًا: قيام الليل
علاوة على ذلك، يعد قيام الليل مدرسة إيمانية تهذب النفس وتزكيها، في وقت ينشغل فيه الناس بالنوم والراحة، كن من القلة الذين يناجون ربهم في الظلام.
سابعًا: القرآن الكريم
أيضًا، لا تنس وردك من القرآن الكريم، فهو نـور في الأرض وذخر لك في السماء، القرآن يهذب القلب ويقوم السلوك، ومن استمسك به استمسك بالعروة الوثقى التي لا تنفصم.
ثامنًا: الدعاء
كما أن الدعاء من أعظم مفاتيح التقرب إلى الله عز وجل في هذه الأيـام المباركة، فالله سبحانه وتعالى كريـم سميع وقريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه.
افتح قلبك وادع بما تشـاء، واسع لنيـل مرضاته سبحانه وتعالى.
التقرب إلى الله في يوم عرفة

ويوم عرفـة هو ذروة هذه الأيام، يوم العتق الأكبر من النار، يوم تغفر فيه الذنوب وتجاب الدعوات.
لذلك أكثر من التهليل والدعاء في هذا اليوم، وادع الله بصدق وحاجة، فبابه مفتوح لعباده.
وتذكر أن الدعاء يشمل أحبتك الأحياء والأموات، فليكن يوم عرفة يوم تجديد العهد مع الله.
التقرب إلى الله في يوم النحر
أما يوم النحر، فهو ختام هذه الأيام وأعظمها.
ومن سبل التقرب إلى الله فيه ذبح الأضحية، فهي شعيرة عظيمة تعبر عن خضوعك لله وشكرك له.
أضف إلى ذلك صلة الرحم والتوسعة على الأهل والأصدقاء، فهذه هي بهجة العيد وروح القرب من الله.
الخاتمة
في الختام، تذكر دائمًا أن هدفك الأسمى في هذه الأيام هو التقرب إلى الله بكل وسيلة وطاعة.
فلا تدع هذه الأيام تمضي دون أن تترك أثرًا في قلبك وحياتك، فهي فرصة لا تتكرر إلا مرة في العام.
فاغتنمها واطلب من الله الإعانة والقبول، نسأل الله أن يكتب لنا ولكم في هذه الأيام المباركـة القبول والقرب.
وأن يبلغنا فيها أعلى درجات الرضا والسكينة.
الكاتبة: رضا جمال
اترك رد