مشكلة التسويف من أهم مشاكل العصر يقول الشاعر: “فانتبه من رَقدة الغفلة فالعمر قليل، واطَّرِح (سوف وحتى) فهما داءٌ وَبيلٌ”
من منا لم يؤجل مهامه لبعض الوقت إما لكسله أولتعبه أورغبةً في بعض الراحة؟ ولكن عند اتخاذ هذا كأسلوب حياة معتاد فيجب أن نقف وقفة مع أنفسنا، حيث أن هذا يعد تسويفًا.
ومشكلة التسويف هي التأجيل والمماطلة المستمرة، فتجد المُسوِّف يُفَضِّل القيام بالمهام الممتعة والأقل أهمية على حساب مهام أخرى أكثر إلحاحًا واستعجالًا، وهذا يسبب أضرارًا وخيمة؛ فيؤثر ذلك سلبًا على حياة الشخص النفسية والصحية والاجتماعية.
أضرار التسويف
- الندم، أول ما ينتج عن التسويف هو الندم بسبب تأخير فعل المهمة أو عدم فعلها من الأساس، حيث يتحسر الناس على الأشياء التي لم يفعلوها أكثر من الأشياء التي فعلوها.
- التوتر والقلق، قد تعتقد أن تأجيلك للمهام الصعبة والقيام بأخرى ممتعة أو أشياء تسعدك قد يخفف من إحساسك بالذنب
- ولكن بالعكس فأثناء قيامك بذلك لا ينفك عقلك عن تذكيرك بالمهمة التي عليك وتشعر بالارتباك والتوتر أكثر وقد يكون تكرار هذه العملية المبالغ به يؤدي بك إلى نتائج أسوء كالإصابة بالاكتئاب والقلق المزمن.
- قلة الثفة بالنفس:
- حيث أن مراقبتك لأناس ناجحين في حياتهم سواء في العمل أوالدراسة يدفعك لقلة تقدير ذاتك والإحساس بالذنب والتوتر أكثر.
- قد تؤثر المماطلة أكثر على صحتك الجسدية إذا كنت تماطل في قيامك بالفحوصات الطبية اللازمة مثلًا.
- غير أن القلق قد يقلل من فعالية جهاز المناعة مما يزيد فرصة إصابتك بالأمراض المختلفة حسب كلام الأطباء الخبراء.
- التأثير بالسلب على حياتك الاجتماعية، وتراكم الأعمال والتأخر الدراسي والوظيفي.
أسباب مشكلة التسويف
حسب دراسات أُجريت في أمريكا عام ٢٠١٤ فقد وُجد أن حوالي ٢٠-٢٥% من السكان يعانون من التسويف
وتزيد النسبة أكثر في الطلبة الجامعيين وطلاب المدارس، ولذا سنتناول بعض الأسباب التي قد تؤدي لهذه العادة المدمرة:
- هوس المثالية والخوف من الفشل
الكثيرون يخافون من الوقوع بالأخطاء وفي نظرهم “فمن الطبيعي أن يخطئ الجميع ولكن ليس أنا!”
وقد يرجع ذلك إلى الطريقة التي تربى بها البعض أوبعض المعتقدات الخاطئة
ولكن وبسبب ذلك فيلجأ هؤلاء الأشخاص إلى تأجيل المهام إلى آخر لحظة حتى تتوافر جميع الظروف المثالية للعمل.
- المشاعر
يرى عالم النفس تيم بايتشيل أن التخلص من المماطلة يعتمد على كيفية تحكمك بمشاعرك
فقد يكون سبب مماطلتك لحل مسائل الرياضيات -مثلا- أنك تكره مادة الرياضيات، أو كون بعض المهام قد تكون مملة أوصعبة؛ وعلى هذا فنحن نفضل القيام بشيء آخر عوضًا عن مواجهة ما نكره.
- قلة الثقة بالنفس
كما ذكرنا سابقًا فالمماطلة تنتهي بكَ إلى المقارنة مع الآخرين وتدني تقديرك لذاتك مما يجعلك تنخرط في الأفكار السلبية عن نفسك، كونك لست كافيا، ماذا لو فشلت؟، وغيرها من الأفكار الاستنكارية عن النفس
وهذا يجعلك تبتعد أكثر عن القيام بأهدافك ويزيد من إحساسك بالقلق والتوتر ونقص الثقة بالنفس وهكذا في حلقة مفرغة لا نهاية لها.
- التشتت
من أسباب التسويف كثرة المهام المتراكمة والتشتت وعدم معرفة من أين عليك البدء، فتقرر ترك كل شيء حتى اللحظة الأخيرة.
وهنا يزعم بعض المماطلون أنهم يعملون بشكل أفضل تحت الضغط، وفي الحقيقة فهذا غير صحيح؛
حيث أن ترك كل شيء للنهاية يجعل نسب حدوث الأخطاء أكبر غير إحساس الارتباك الذي يراودك ويزيد من الأخطاء.
علاج مشكلة التسويف
بعد تعرفنا عن بعض أسباب التسويف الأكثر شهرة حان الوقت لمعرفة كيف نعالج هذه المشكلة العويصة:
- تحديد الأهداف: “العشوائية سبب الدمار!”
- ولذا قبل أن تبدأ في أي عمل عليك بتذكير نفسك “لأي هدف أقوم بذلك؟” و على هذا الأساس ستحدد أي المهام ذي أولوية قصوى للبدء به أولا وأيها غير مهم.
- تقسيم المهام الكبيرة إلى مهام أصغر للعمل عليها، وتحديد كم من الوقت يلزمك لأداء كل مَهمة:
- فمن الأسباب الرئيسية للتسويف هو ترك وقت غير محدد للمهام المطلوبة باعتبار أن الوقت كثير، ولكن سرعان ما ينقضي ذلك الوقت وتجد نفسك أمام الأمر الواقع.
- ابدأ بالمهام الصعبة أولا ثم السهلة:
- حيث تكون في بداية يومك ولم ينل منك التعب بعد، فذلك يساعدك على الإحساس بالإنجاز والسعادة والقدرة على إكمال ما تبقى.
- اجعل المهام أكثر متعة لتنفيذها، وقم بتغيير طرق عملك أومذاكرتك إذا لم تجد منها استفادة قصوى.
- التصالح مع النفس:
- لا تجلد ذاتك على أخطائك، فلا أحد معصوم عن الخطأ ولكن يجب أن تستفيد منه ولا تكرره.
- ابتعد عن البيئة المشتتة والسلبية مثل الهاتف والتلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي.
- وأخيرا الجأ إلى تنظيم وقتك واستخدام الاستراتيجيات المخصصة لذلك بالإضافة إلى وضع أهداف وتوقعات و خطط واقعية لنفسك
- ومن أشهر التقنيات لتنظيم الوقت هي طريقة البومودورو
قد تواجهك الكثير من الصعاب في رحلتك للتغلب على التسويف وهذا طبيعي لأنه انتصار لا يتم بين ليلة وضحاها، فلا تنهزم وتجر ذيول الخيبة وراءك.
فجميعنا معرضون لتأجيل مهامنا ومرور لحظات تعب على النفس فاحرص على أخذ وقت لنفسك و كافئها، و لا تدع التسويف واليأس يسيطر عليك واجعل نفسك المتحكم الأول في حياتك.
كتابة وتصميم/ باسنت العوضي
اترك رد