يقول الشاعر مصطفى قاسم:
ونظل نذكر للورى معروفهم
فالخير يستعصي على النسيان.
ومن هنا تتضح أهمية الدعم النفسي، إن أفضل معروف يمكن أن يقدمه الإنسان لغيره، هو الدعم النفسي في الأوقات الصعبة؛ فالدعم النفسي في الأوقات الصعبة لا ينسى أبدًا.
ولأن الدعم النفسي حاجة ملحة من احتياجات النفس البشرية، فدعونا لا نبخل بتقديمه للمحيطين بنا.
وسنتحدث في هذا المقال عن أهمية الدعم النفسي، وأثره على الصحة النفسية، ومتى نحتاج إليه؟
وسنذكر بعضا من صور هذا الدعم في تراثنا الإسلامي، فهيا بنا نبدأ.
في البداية أحب أن أنوه على أن هناك نوعين من الدعم النفسي وهما:
الدعم النفسي الطبيعي (غير المتخصص)، والذي يقوم به اشخاص عاديون(غير متخصصين).
والدعم النفسي المتخصص، والذي يقدمه الطبيب أو الأخصائي النفسي.
وسنركز في حديثنا في هذا المقال على الدعم النفسي الطبيعي.
أهمية الدعم النفسي وأثره على الصحة النفسية

الدعم النفسي يساعدنا على الصمود، ومواجهة العثرات والأزمات التي نمر بها في حياتنا، كما يعزز قدرتنا على تجاوز المحن والعقبات، ويخفف من وطأة الضغوط، والصعوبات التي تواجههنا في حياتنا، ويساعدنا على التعافي منها.
وبذلك يكون الدعم النفسي سبيلاً للحفاظ على صحتنا النفسية.
متى نحتاج إلى الدعم النفسي؟

نحتاج الدعم النفسي في أوقاتنا الصعبة وفي اللحظات الفارقة في حياتنا وأمثلة ذلك:
١- عند مواجهة تحديات في العمل او الدراسة.
٢-بعد فقدان وظيفة أو شخص عزيز علينا.
٣-وقت التعرض لأزمة مالية أو عاطفية.
٤-بعد النجاة من حرب أو كارثة طبيعية أو حادث أليم.
٥-في مراحل التعافي من الإدمان.
٦-وقت المعاناة من مرض مزمن او مرض نفسي كالإكتئاب والقلق.
وعموما يظل الإنسان دائمًا بحاجة إلى الدعم النفسي.
أشكال الدعم التي يمكن أن نقدمها لمن حولنا

١-الاستماع الجيد ومشاركة المشاعر، فما أجمل أن يجد الإنسان من ينصت إليه في حزنه وضيقه!
٢- الكلمة الطيبة وعبارات التحفيز والتشجيع، نحن بحاجة لمن يشعل الحماس بداخلنا بتشجيعه لكي نواصل السير، ونكمل الطريق.
٣-اللمسات الحانية، لاشك ان اللمسات الداعمة لها بالغ الأثر في النفس، وقديمًا قالوا :”من شدّ على يدك في وقت عسرٍ شُدّ عليه بقلبك”.
٤- تقديم المساعدة وطرح بعض الحلول،أحيانا يكون الإنسان بحاجة لشئ أكثر من مجرد الدعم المعنوي، ربما يحتاج لبعض النصائح و المعلومات، أو يحتاج تدخل من أخصائي صحة نفسية.
صور الدعم النفسي في التراث الإسلامي
لقد راع الإسلام ضعف النفس البشرية وحاجاتها للدعم النفسي دائمًا منذ بداية الخليقة.
أولاً: في القرآن الكريم
في القرآن الكريم العديد من المواقف، التي وجه فيها الله سبحانه وتعالى الخطاب للمؤمنين، بهدف تقوية نفوسهم، والتسرية عنهم، وتثبيتهم في المواقف العصيبة، وأمثلة ذلك :
نجده في خطاب الله عز وجل لسيدنا موسى وأخيه هارون عندما أمرهم بالذهاب إلى فرعون قال تعالى:”لا تخافا إنني معكما أسمع و أرى”(سورةطه).
وفي خطاب الله عز وجل للسيدة مريم قال تعالي: “فكلي واشربي وقري عينا”.
وفي قوله عز وجل لأم سيدنا موسى “ولا تخافي ولا تحزني”.
وهل هناك أعظم من أن يكون الله سبحانه وتعالى هو الكافي والمعين.
ثانيًا: في السيرة النبوية و حياة الصحابة
السيرة النبوية عامرة بالكثير من مواقف الدعم النفسي مثل:
دعم السيدة خديجة للرسول صلى الله عليه وسلم عندما عاد من الغار بعد نزول الوحي عليه أول مرة، وقال لها لقد خشيت على نفسي فقالت له” والله لا يخزيك الله أبدًا”.
موقف الرسول صلى الله عليه وسلم يواسي غلامًا مات طيره، فأخذ يلاعبه ويمازحه ويقول ” يا أبا عمير ما فعل النغير”، انظر كيف اهتم الرسول (صلى الله عليه وسلم) بمشاعر هذا الصغير،و تخفيف ما يجده في نفسه من الحرن على طيره.
موقف المرأة التي دخلت على السيدة عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك فبكت معها كثيرًا ثم انصرفت فكان لذلك الأثر الكبير على أم المؤمنين تقول السيدة عائشة “لا أنساها لها”.
وإن كان الأنبياء والصالحين وكبار الصحابة كانوا بحاجة للدعم والمساندة والتأييد، فنحن والله لأحوج لذلك منهم.
ولذلك احرصوا دائما على تقديم الدعم النفسي للمقربين منكم، ولمن حولكم، ولا تتأخروا في طلب الدعم النفسي عند حاجتكم إليه.
اترك رد