لم يجعل الله الجنة للأم إلا لعظم دورها، ولم يوصِ عليها النبي ﷺ في الأحاديث إلا لأهمية دورها الحقيقي في الحياة والدين.
دور الأم في الإسلام له عناية خاصة، فرفع من قدرها، وجعل برّها من أعظم القربات التي تُقرب إلى الله تعالى.
كما إن الأم هي الركيزة الأساسية والأولى في بناء الأسرة المسلمة والمجتمع، فهي التي تُشَكَّل شخصية الطفل، وتوجهه إلى الطريق الصحيح، مما يجعل دورها في الإسلام دورًا محوريًا لا يُمكن الاستغناء عنه.
فالأم هي المدرسة الأولى، وهي من تزرع القيم وتُشَكَّل الوعي لم يقتصر دور الأم في الإسلام على الإنجاب فقط، بل إن دور الأم في الإسلام دور مهم وعظيم يجب معرفته.
دور الأم في تربية الأبناء

ولأن الأم هي المربية والمعلمة الأولى في حياة الطفل؛ فهي تلعب الدور الأساسي والمحوري في تربيتهم، تبدأ رحلة الأم التربوية للطفل منذ ولادته، دورها هنا غرس القيم الدينية والأخلاقية فيه.
ونظرًا لأهمية تأثير ودور الأم في الأبناء فقد أشار إلى هذا النبيﷺ حين قال: “أمك، ثم أمك، ثم أمك”.
فمسؤولية الأم في تربية الأبناء مسؤولية عظيمة وعلى قدر كبير من الأهمية في أن تنشئ أبناءها على تعاليم دينهم الإسلامي، حيث تعلمهم الصلاة والصدق والأمانة وبناء عقيدة الدين في نفوسهم.
بالإضافة إلى من دور الأم في الإسلام أن تعامل أبناءها معاملة حسنة وتعاملهم بالدين بجانب حبها وحنانها لهم فهي القدوة.
كما يجب أن تعدهم لحياة طيبة ليس فقط لأجل الدنيا، بل لأجل الدنيا والآخرة؛ لذلك عليها غرس قيم الإيمان والتقوى فيهم.
دور الأم في الإسلام كزوجة روح المحبة والسلام

كما أن دور الأم في الإسلام لا يقتصر على كونها أم فقط، بل يمتد إلى كونها زوجة وشريكة حياة.
وليست فقط زوجة أو شريكة حياة بل هي سكن البيت وسعادة البيت تبني على سعادتها هي.
بالإضافة إلى تكريمها في الإسلام كزوجة بأن لها الجنة، فقال النبي ﷺ: “إذا صلّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت”.
كما من دور الأم في الإسلام أن لها أثراً في سكينة زوجها، حيث تُحسن استقباله عند رجوعه البيت، تشاركه حزنه وفرحه، وتعينه في تدبير شئؤن البيت، وتخفف عنه ثقل الهموم.
إلا أن لم يكن دور الأم في الإسلام كزوجة فقط، بل دورها يشمل مشاركة فعالة مع زوجها؛ لتكون لها سكن ودفئ وبركة.
دور الأم في الإسلام ركيزة استقرار الأسرة

ودور الأم هنا دور محوري فهي أساس تماسك البيت وسعادته.
وأيضًا هي الأساس في بناء أسرة صالحة تقوم على المودة والحب والرحمة والتفاهم؛ لذلك كرمها الإسلام بهذه المكانة السامية؛ لأنها تجمع بين المودة والحزم.
كما أنها سكينة البيت بكلماتها الحنونة الطيبة، وبحضورها الدافئ، وصبرها في وقت الشدة، وعطائها للبيتها دون انتظار مقابل.
علاوة على ذلك أن دورها لا يُرى بالعين دائمًا، ولكن يُشعر
به في دفء وسلام البيت، يشعر به في دعائها، في تفاصيل يوم مبهج بوجودها، إنها من أعظم نعم الحياة.
وكما رأينا مما سبق من دورها كزوجة وكأم فهذا يسهم في استقرار الأسرة.
فإن استقرار البيت والأسرة من أثر حكمة عقل الأم وحنان وعطف قلبها.
الأم في الإسلام ودورها في بناء المجتمع

بالإضافة إلى أدوارها في ما سبق، فدور الأم في الإسلام يمتد ليصل إلى المجتمع، كيف لا؟ وهي مدرسة الطفل الأولى التي يتعلم منها المبادئ والقيم والأخلاق، وهي صانعة الأجيال ومشكلة العقول والقلوب.
وهي من تغرس حب الخير والانتماء الدين والوطن بنفوس الأبناء.
ليس هذا فقط، بل تخرج الطبيب والمعلم والقادة والعلماء والمصلحين، والذين بدورهم يساهمون في بناء المجتمع صالح ومستقر.
كما أنها تبني النفوس بحنانها، وتقوي الإرادة بحكمتها، وبقيمها يّضاء الطريق.
وكما رأينا مما سبق من دورها كزوجة وكأم فهذا يسهم في استقرار الأسرة، واستقرار الأسرة هو نواة استقرار المجتمع.
لا شك إن إذا صلحت الأم صلح الأبناء وإذا صلح الأبناء صلح المجتمع.
بعض النماذج عظيمة لدور الأم في الإسلام عبر التاريخ
دور الأم في الإسلام دائما موضع اهتمام وتقدير.
وهنا نماذج من أمهات عظيمة تركن بصمتهن في إنشاء أبناء صالحين، وبدورهم أثروا في المجتمع.
وبفضل دورهن التربوي تركن أسماء خالدة في تاريخ الأمة.
أم الإمام الشافعي – أم مثقفة صانعة لعالم
والدة الإمام الشافعي من الأمهات الصالحة، ربته بعد وفاة والده، واهتمت بتعليمه منذ صغره رغم حالة الفقر التي كانوا بها.
لم تستسلم للفقر بل وهبت حياتها لتنشئة ابن صالح، فأصبح منارة من منارات الأمة.
تولت تربيته وحدها، وشجعته على حفظ القرآن وطلب الحديث، وغرست فيه حب الفقه والأدب.
وبرغم الفقر والتحديات فقد صنعت أحد أعظم أئمة المذاهب الأربعة في الإسلام.
انظر لدور الأم في الإسلام، فكيف لأم واحدة أن تُغير تاريخ أمة بأكملها عن طريق تربيتها الصالحة.
أم الإمام أحمد بن حنبل – نموذج في التحفيز والصبر
لقد تولت أم الإمام أحمد تربيته بعد وفاة أبيه، وكانت حريصة على تربيته على العلم والعبادة، فكانت توقظه قبل الفجر وترافقه في ظلمة الليل وبرد الشتاء إلى المسجد؛ ليؤدي الصلاة ويتعلم الحديث
لقد كانت مربية ملهمة غرست حب العلم والزهد والصدق في قلب أحمد، فصار من كبار أئمة المسلمين بفضل الله ثم فضل دعمها الصامت والثابت، صنعت رجلاً خلده التاريخ.
حليمة السعدية – مرضعة النبيﷺ ومربية عظيمة
حليمة السعدية تعد من أعظم نماذج النسائية في السيرة النبوية، لما لا؟ وهي مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم.
لقد كان لها أثر عظيم في سنوات طفولة النبي الأولى، فقد احتضنت النبي في صغره، وأحاطته بحنان الأم، وربته
بمحبة ورحمة، وكانت شاهدة على بركته منذ الطفولة.
لم تكن مرضعة فحسب بل كانت رمزًا للأمومة صادقة
أم سليم – زوجة صالحة ومربية عظيمة
أم سليم رضي الله عنها والدة الصحابي الجليل أنس بن مالك.
لقد حرصت على تنشئة أنس بن مالك في بيئة نبوية طاهرة؛ فذهبت به إلى النبي ﷺ وقالت: “يا رسول الله، هذا أنس غلام صغير، يخدمك فادعُ الله له”.
فكان لذلك أثر بالغ في حياته، حيث كان يتلقي من النبي ﷺ الأحاديث، حتى صار من أكثر الصحابة رواية للحديث.
هذا من دور الأم في الإسلام، نموذج فريد للأم المربية الحكيمة.
ولم تكن أم مؤمنة فقط، بل كانت زوجة عاقلة مؤمنة آمنت بالإسلام مبكرًا، وكانت تثبت من حولها بحكمتها وإيمانها.
وَخِتاماً يتضح أمامنا عظمة دور الأم في الإسلام، فدورها في الإسلام ليس مجرد كلمات، بل واقع نعيشه في كل بيت.
كما أنها ركيزة بناء أمة قوية متماسكة، فبفضل جهودها وحرصها على تربية الأبناء تنشأ أجيال مؤمنة صالحة.
ولذلك فإن اعتراف الإسلام بدورها العظيم هو رسالة لنا في المجتمعات كلها.
الكاتبة: لمياء شعبان
اترك رد