الانضباط الذاتي وكيفية اكتسابه

تلاحظ في كثير من الأحيان أن بعض الناس يكمل طريقه ويصل والبعض الآخر لا.
رغم أن كليهما قد يكون بحوزته نفس الإمكانيات والمقومات، ولكن هذا لا يمنع أن البعض يصل والبعض لا، فمَ الفارق؟ وما الذي يساعد أحدًا على الوصول ويفقده آخر فيظل مكانه متجمدًا، بالإضافة إلى ذلك، تمر أيامه وهو على حاله؟ إنه “الانضباط الذاتي”.
وفي هذا المقال سنتعرف على الانضباط الذاتي وكيفية اكتسابه.


الانضباط الذاتي


هو فعل المرء لما يجب عليه فعله، في الوقت الواجب فيه فعله، سواء أراد ذلك أو لا، ودون الالتفات لمزاجيته.


بالإضافة إلى ذلك، قد يعرّف أيضًا بأنه قدرة المرء على منع نفسه من المشتتات والمغريات والمعوّقات في سبيل تحقيقه لما يرغب في إنجازه، أي استطاعتك قول “لا” لما يعطلك عن السير في طريقك لهدفك.


بشكل مجمل، هو الشعور بالالتزام، والقدرة على ضبط النفس والتحكم بها.


أهمية الانضباط الذاتي


الانضباط الذاتي مهارة مهمة جدًا وستفيدك في حياتك إن اكتسبتها، ومما يدل على أهميتها أن الانضباط الذاتي:
_ يمنعك من التشتت بالملهيات من حولك.


_ يساعدك على التمتع بالمسئولية وعدم التضجر منها.


_ يساعدك على الاستمرارية وإكمال طريقك.


_ جزء هام من قوة الشخصية التي يسعى الكثير للحصول عليها.


_ بدونه يمكن إضاعة الكثير من الوقت في مهام لا تحتاج لكل هذا.


_ يحافظ على صحتك ( فالعشوائية تصيبك بالضغط النفسي والتوتر والقلق الدائمين حول ما يجب عليك فعله وما تأخرت عن فعله)، عكس الانضباط والتخطيط.

الانضباط الذاتي


نصائح لتنمية مهارة الانضباط الذاتي عندك:


١_ وجود دافع “لا تنسَ أهدافك”


وجود دافع وسبب قوي للالتزام هو أكثر ما يدفعك للالتزام، لذلك اهتم بالدافع قبل البدء، ما الذي يحركك ويدفعك؟ لماذا تتحرك؟ فكرّ في ذلك ودوّنه ليكون أمام عينك دائمًا، كذلك توجد بعض الكتب والمقالات والدورات التي تفيدك في اكتساب مهارة الانضباط الذاتي.


٢_ اجعل نفسك واضحًا| الانضباط الذاتي


واجه المشكلات التي تطرأ على حياتك ولا تتهرب منها، فكّر بها بشكل حازم وحددها وحدد أسبابها وما يمكنك فعله لحلها، وكيف ستبحث عن حلول مناسبة.


٣_ الاعتراف بوجود المشكلة هو أول الطريق لحل المشكلة


إذا أنكرت عدم تّحليك بالانضباط ستتهرب، ولن تهتم بإيجاد حلول، لذلك كل ما عليك فعله هو التحلي بالشجاعة والاعتراف بالمشكلة ومواجهتها وبدء البحث على حلول.


٤_ عوّد نفسك الالتزام واصبر


عامل نفسك معاملة الطفل الصغير، أول فترة في كل شيء تكون الأصعب، فالجنة حفّت بالمكاره والنار حفّت بالشهوات.
هكذا الأمر خاصة أول فترة، الأشياء التي تحسّن حياتك تحتاج لمجهود عكس الأشياء السهلة التي تدمر حياتك.
فافهم ذلك وفي كل مرة تستشعر رغبتك في الهرب من أي مسيولية على عاتقك، كن حازمًا مع نفسك وأكمل ما تفعل ولا تلتفت.


٥_ العقل السليم في الجسم السليم


بدون نظام حياة صحي وصحة قوية لن تستطيع التحرك في حياتك كما لو كنت بصحتك، فاهتم بصحتك وبعاداتك الصحية.


٦_ اهتم بالتخطيط واحذر إضاعة الوقت


جهّز الخطط ورتب مهامك وتعلم فن الأولويات.
التخطيط الجيد ينظم لك حياتك ويساعدك على الانضباط وعدم العمل بعشوائية.
كذلك تحديد المعوقات والمثبطات والعمل عليها يساعدك على التغلب عليها ومن ثم تحقيق الانضباط الذاتي.


٧_ قسِّم خططك| الانضباط الذاتي


بعد أن تضع الخطط وترتبها، قسّم الأهداف الكبرى لأهداف صغيرة يمكنك تحقيقها والعمل عليها بشكل يومي حتى تصل لأهدافك الكبرى.


٨_ المواعيد النهائية الوهمية


ضع للمهام موعد تسليم وهمي، هذا سيدفعك للعمل عليه بل والانتهاء منه قبل أن يحين الموعد الحقيقي أصلاً.
عدم ضغط نفسك في آخر لحظة في كل مهمة تُسنَد إليك سيساعدك على اكتساب الانضباط الذاتي.


٩_ تحكّم في بيئتك، تتحكم في حياتك


الاعتماد على إرادتك فقط في اكتساب الانضباط الذاتي لن يكون حلاً مثاليًا في كل الأحيان.
لكن جعل البيئة حولك بعيدة عن الملهيات سيساعدك أكثر، فبدلاً من إضاعة الوقت في التحكم في نفسك لألا تتأثر بالمغريات، ابعد المغريات عنك، سيكون أسهل عليك وأكثر توفيرًا للوقت.
كذلك وضع نفسك في بيئة ملتزمة سيساعدك على الالتزام، فمثلاً وضع كتاب بجوار سريرك كل يوم سيساعدك على القراءة قبل النوم، وعلى عكس ذلك وضع هاتفك بجوار المكتب سيشتت انتباهك وقت العمل.


١٠_ إقامة الصلاة على الوجه الذي يرضي الله، والخشوع فيها والشعور بالسكينة، كل ذلك سيمنحك شعورًا بالهدوء ويخفف توترك وضغطك النفسي.


١١_ اهتم بصحة عقلك وروتينك بالإضافة إلى عاداتك


١٢_ مراقبة ذاتك وتتبع الهدف


تغيير العادات السلبية التي تعيق تقدمك في تحقيق الانضباط الذاتي بالعادات الإيجابية الصغيرة، يساعدك في تحقيق ما تسعى إليه.
كذلك عليك متابعة تقدمك، قد يكون ذلك من خلال جدول أو تطبيق لتتبع العادات، المهم أن يكون أمامك، فالانضباط الذاتي كأي مهارة يحتاج منك التزام واستمرارية.


١٣_ اهتم بالتنفّس بعمق | الانضباط الذاتي


فهذا يجذبك للحظة ثم يجعلك حاضرًا بشكل كامل، وحينها يتوقف اندفاعك وتفكر جيدًا.


١٤_ مبدأ الثواب والعقاب


اهتم بمكافأة نفسك حينما تلتزم، وفي نفس الوقت عاقبها عند التقصير، كما سبق وذكرنا أن عامل نفسك معاملة الطفل، فالمكافأة ستحفزك والعقاب سيجعلك تفكر قبل خرق عاداتك.


١٥_ قدّر جهودك ومحاولاتك | الانضباط الذاتي


لا أحد يكون على الصراط المستقيم طوال الوقت، احترم ضعفك وإخفاقاتك التي تحدث في بعض الأحيان، علاوة على ذلك الظروف الخارجة عن إرادتك، المهم في كل ذلك أنك تحاول ولا تيأس ولا تستسلم، بل كلما وقعت وقفت بشكل أقوى.


الانضباط الذاتي مهم ويستحق صرف الجهد والوقت وبذل كل نفيس في اكتسابه، فإدارة النفس هي أهم إدارة، إدارة الوقت لن تغنيك عنها، فلا تيأس والزم دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم:  اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، والبُخْلِ وَالهَرم، وعَذَاب الْقَبْر، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ ولِيُّهَا وَموْلاَهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلمٍ لا يَنْفَعُ، ومِنْ قَلْبٍ لاَ يخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشبَعُ، ومِنْ دَعْوةٍ لا يُسْتجابُ لهَا.
رواهُ مُسْلِمٌ.

الكاتبة / إسراء سالم